الا في ال عمران كن فيكون الحقّ- وفي سورة الانعام كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ- وانما نصبها بتقدير ان بعد الفاء في جواب الأمر- وهاهنا مباحث أحدها انه لا يجوز الخطاب مع المعدوم وأجيب بانه لما قدر وجوده كان كالموجود فصح الخطاب- وقال ابن الأنباري معنى انما يقول له اى لاجل تكوينه فعلى هذا لم يبق معنى الخطاب- وقال البيضاوي ليس المراد به حقيقة الأمر والامتثال بل تمثيل لحصول ما تعلقت به إرادته بلا مهلة بطاعة المأمور المطيع بلا توقف وفيه تقرير لمعنى الإبداع- ثانيها انه نصب يكون بتقدير ان يقتضى ان يكون صيغة الأمر بمعناه حتى يقدر بعده بعد الفاء ان في جوابه وليس الأمر كذلك بل هو على سبيل تمثيله بسرعة حصول المراد فكيف يتصور النصب- وأجيب بان نصبه على جواب الأمر بالفاء في ظاهر اللفظ وان لم يكن في المعنى كذلك- ثالثها ان من شرائط تقدير ان سببيّة ما قبل الفاء لما بعده- وحينئذ يلزم ان يكون للمكن كونان وأجيب عنه بان المراد بالكون الاول الوجوب مجازا إطلاقا بالمسبب على السبب فان الممكن ما لم يجب لم يوجد فتقديره ليكن وجوب ذلك الشيء موجودة- قلت ويمكن الجواب بان المراد بالكونين كونه في دار العمل السبب وكونه في دار الجزاء المسبب لكن هذا التأويل يقتضى الاختصاص بالمكلفين وسياق الاية يقتضى العموم- والصواب ان يقال في الجواب المراد بالكونين كونه في [1] مرتبة الأعيان الثابتة لوجود علمى وكونه في الخارج الظلي بوجود ظلى كذا قالت الصوفية العلية ولا يلزم منه كون مرتبة الأعيان الثابتة حادثة حدوثا زمانيا بل حدوثا ذاتيا- وعلى هذا التأويل هذا الاية تدل على التوحيد الشهودى كما قال به المجدد رضى الله عنه دون التوحيد الوجودي كما قال به الشيخ الأكبر محى الدين العربي قدس سره ان الممكنات ما شمت رائحة الوجود يعنى في الخارج والله اعلم.
وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ قال ابن عباس المراد به اليهود- وكذا اخرج ابن جرير وابن ابى حاتم عنه انه قال قال رافع بن حريملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه- وقال مجاهد المراد به النصارى- وانما نفى العلم عن الفريقين لتجاهلهم- وقال قتادة المراد به الأميون من مشركى العرب لَوْلا هلّا وكذا كل ما في القران لولا فهو بمعنى هلّا الا في قوله تعالى فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ معناه فلو لم يكن يُكَلِّمُنَا اللَّهُ كما يكلم الملائكة وكلم موسى فلا يحتاج الى رسول او يكلمنا بانّك رسوله أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ حجة على صدقك والاول استكبار والثاني جحود لما أتاهم من الآيات استهانة [1] فى الأصل في المرتبة